"لا توجد تعددية سياسية في سوريا، ولا ديمقراطية، ولا انتخابات حرة ونزيهة؛ كل الانتخابات مزورة". تلك كانت كلمات محمود مرعي، المحامي الذي يدير مجموعة سياسية صغيرة في سوريا يسمح لها النظام السوري بالعمل. وبعد عدة سنوات من إدلائه بهذه التعليقات في مقابلة مع التلفزيون الإيراني الحكومي، مرعي الآن هو واحد من اثنين مرشحين وصلا إلى المرحلة الأخيرة إلى جانب بشار الأسد في الانتخابات الرئاسية السورية، والآن هو يزعم أنه "منافس حقيقي".
سيكون من الصعب اختلاق سيناريو يوضح بشكل أفضل المهزلة التي تمثلها الانتخابات السورية. فمنذ توليه الرئاسة خلفًا لأبيه الراحل في عام 2000، فاز بشار الأسد بثلاثة انتخابات – مرتين بنسبة 99% ومرة واحدة بنسبة 89%. وقبله، فاز والده حافظ الأسد بخمسة انتخابات متتالية، بنسبة 99-100%. في المرة الأخيرة التي أجرت فيها سوريا انتخابات رئاسية، لم يحاول النظام حتى إخفاء التزوير – فالأرقام التي تم الكشف عنها علنًا لم يتم احتسابها بصورة صحيحة. واليوم، لا يزال ما يقارب 40% من الأراضي السورية خارج سيطرة النظام ويعيش أكثر من نصف السوريين خارج مناطق النظام، سواء داخل البلاد أو خارجها.
اليوم، بعد عقد من الصراع المنهك الذي يتحمل فيه النظام المسؤولية عن 90% من القتلى المدنيين وعن الغالبية العظمى من الدمار البالغ 400 مليار دولار، فإن اللوحات الإعلانية الضخمة والمُكلِّفة التي تحمل صورة الأسد والموزعة في جميع أنحاء المدن السورية، لا تستخدم كوسيلة للدعاية الانتخابية، بل كمكان ظليل يحمي الأطفال المشردين من أشعة الشمس. إن شعار الحملة الانتخابية لبشار الأسد "الأمل بالعمل" يلهب جراح جميع من يعانون الآن بسبب السعي الأعمى لنظامه لاقتناص السلطة، والذي يرمز إليه في صيحة الحشد الأكثر شهرة: "الأسد أو نحرق البلد". في الحقيقة، شهد السوريون "الأسد ونحرق البلد" والنتيجة كانت خرابًا اقتصاديًا. بالنسبة لجميع مؤيدي النظام، ماعدا أكثر مؤيدي النظام تصميمًا، فإن هذه الانتخابات هي مسرحية وليست مصدرًا لـ"الأمل".
لا أحد يتوقع أن تكون الانتخابات هذا الأسبوع "حرة ونزيهة" – حتى القيادات الروس، في اللحظات القليلة التي يتكلمون فيها بلا حذر، فإنهم يبتسمون بسخرية عند مناقشة هذه القضية. ومع ذلك، فهناك قلق في العواصم الدولية من أن النتائج المحددة مسبقًا ستستخدم من قِبَل دول أمثال روسيا للدعوة إلى التطبيع مع نظام الأسد. ثمة تحركات جارية بالفعل في المنطقة لإعادة دمشق إلى الجامعة العربية وإعادة العلاقات الدبلوماسية. هذا الاتجاه قصير النظر وخطير، لأنه يعمل فقط على تعزيز كل الأسباب الجذرية لانتفاضة 2011 – وجميعها أسوأ اليوم مما كانت عليه قبل عقد من الزمن.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.