المناظرة الأولى من بين ثلاث مناظرات رئاسية في إيران عُقدت في 5 يونيو. قليلون كان لديهم أي توقعات، لكن النتيجة كانت مهزلة تكاد تكون كوميديا سوداء. سبعة رجال، جميعهم قد خدموا كأعضاء مخلصين للجمهورية الإسلامية منذ عام 1979، حاولوا تسويق أنفسهم كقادة مُلهمين لديهم وصفة لعلاج العلل العديدة التي تعاني منها البلاد. ناهيك عن أن كلًا منهم قد حصل على موافقة مسبقة من القائد الأعلى غير المنتخب، آية الله علي خامنئي، ليصعد على المسرح ويتقمص دورًا في مسرحية الانتخابات. من المرجح أن ينخفض الإقبال بصورة تاريخية إلى نحو 20% مما يدل على عدم جدوى هذه الانتخابات.

من الواضح أن الشعب الإيراني لا يرى إمكانية لإصلاح النظام السياسي من خلال انتخابات يتم التلاعب بها بشدة. ففي انتخابات 2009 و2013 و2017، كان للمناظرات الرئاسية ما تقدمه، حيث انخرط المرشحون في بعض الجدل السياسي المحدود على الأقل. هذه المرة، لم يجرؤ أي من الرجال السبعة على طرح تساؤلات حول القضايا الأكثر حساسية – وهم بالفعل لديهم سبب وجيه لعدم القيام بذلك. إذ أوضح خامنئي ما لا ينبغي مناقشته. فكانت النتيجة أن تحولت المناظرة لمهزلة. حدث جدال ساخن حول حالة الاقتصاد الإيراني، مع الكثير من الهجمات الشخصية، لكن لم يتطرق أحد إلى كيف انتهى الأمر بإيران لتصبح أكثر دول العالم التي فُرِض عليها عقوبات، مما أدى إلى خسارة مئات المليارات من الدولارات من الدخل الإيراني، وهروب قياسي لرأس المال وهجرة العقول وتضخم غير مسبوق، وولادة اقتصاد قائم على خرق العقوبات جعل الفساد منتشرًا.

في النهاية، قد يُظهِر التاريخ أن الشخص المسؤول عن ترتيب هذا الفشل الذريع سيكون هو الخاسر الأكبر. إذ بينما يكره خامنئي أن يتم تصويره على أن خليفة من العصور الوسطى، فإن هذه هي نتيجة إدارته التفصيلية لهذه الانتخابات الرئاسية. يريد خامنئي أن يربح على كلا الاتجاهين: فمن جهة يريد تقرير نتائج الانتخابات عمليًا، ولكنه يرغب أيضًا في الزعم أمام العالم الخارجي بأن "الجمهورية الإسلامية" فيها أصوات الناخبين مهمة. بعد إخفاق الخامس من يونيو، رأى خامنئي نفسه أنه من الضروري التأكيد على أن "مفتاح ديمومة الجمهورية الإسلامية يكمن في كلمتين: إسلامية وجمهورية". يعلم خامنئي أنه يكاد يكون قد قضى تمامًا أي جانب "جمهوري" في "الجمهورية الإسلامية" ودفع البلاد نحو أن تصبح نوعًا من الخلافة. قد لا يرغب في الاعتراف بذلك، لكن الشعب الإيراني يستطيع أن يرى ذلك من خلال هذه المهزلة.


The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.