الولايات المتحدة، التي كانت حتى وقت قريب تدعم بشكل حثيث محادثات السلام في الدوحة، تتحايل الآن للالتفاف حول جولة المفاوضات الأفغانية المتعثرة. فبينما يبدو أن عملية السلام برمتها تهوي نحو الفشل، قدم المبعوث الأمريكي الخاص، زلماي خليل زاد، خطة جديدة تم تصميمها لإنعاش آمال المصالحة. تطرح الوثيقة المكونة من ثماني صفحات تصورًا لهيكل حكم مؤقت من المفترض أن يمهد الطريق لترتيب تقاسم دائم للسلطة بين مجموعة من النخب السياسية الأفغانية والقيادة العليا في طالبان. ومن أجل البدء في الجهود الدبلوماسية، اقترحت الولايات المتحدة عقد مؤتمر برعاية الأمم المتحدة في تركيا. وإلى جانب الولايات المتحدة، من المتوقع حضور ممثلين من روسيا والصين وإيران وباكستان والهند، والذين ستمهد مداولاتهم الطريق أمام الوفود الأفغانية الممثلة للحكومة ولطالبان للتفاوض لحل خلافاتهم.
الخطة التي قدمتها الولايات المتحدة تحدد الخطوط العريضة لـ"حكومة إسلامية قائمة على تقاسم السلطة"، والتي ستعمل إلى أن يتم صياغة دستور جديد أو مُعدَّل ليحل محل الإطار القانوني الحالي. في هذا السياق، فإن وقف إطلاق النار، وإن كان متوقعًا، فهو ليس شرطًا مسبقًا. تفرض الوثيقة تقاسم المسؤوليات في جميع فروع الحكومة بين الأطراف المتصارعة في الحرب. كما تنص الوثيقة واسعة النطاق على إنشاء لجان مخصصة لإدارة العديد من القضايا الإشكالية، بما في ذلك دمج الشريعة الإسلامية وعودة اللاجئين ورعايتهم، ولكن دون التطرق إلى حقوق الإنسان.
تستند المبادرة الأمريكية على الاعتقاد بأنه من الممكن استنساخ مؤتمر دولي على غرار مؤتمر بون لوضع الأساس التحضيري لدولة أفغانية، كما حدث في عام 2001. ما يقدمه هذا النهج في صورة آمال، يُفتقر إليه في التطبيق العملي. فالسياق الآن مختلف للغاية. المؤتمر الذي عُقِد في أعقاب هزيمة طالبان، جاء في غياب دولة أفغانية. أما اليوم، فهناك حكومة دستورية منتخبة سيتم استبدالها. وتمرد حركة طالبان يهدد بفرض شكل الحكم الخاص به. كما أننا ننسى أن مؤتمر بون كان مخصصًا للمنتصرين وحدهم ولم يكن من الممكن أن ينجح لو لم تدفع الجهود المشتركة للولايات المتحدة وروسيا وإيران الأطراف الأفغانية العديدة للتوصل إلى اتفاق. لكن النوايا الحسنة على الصعيد الدولي تجاه أفغانستان والتي كانت متوفرة قبل عقدين قد ولت منذ فترة طويلة، وجميع جيرانها يتصرفون حاليًا وفقًا لاستراتيجياتهم الوقائية. وفوق كل شيء، ليس ثمة دليل يشير إلى أن طالبان ستكون أكثر استعدادًا لتقديم تنازلات بشأن القضايا الجوهرية إذا تم نقل المفاوضات من الدوحة إلى مكان آخر. فمنذ وقت تدمير تماثيل بوذا، أثبتت طالبان عدم مبالاتها بالضغوط الدولية عند تحديد أهدافها.
على أي حال، الخطوات الأمريكية المقترحة نحو تشكيل حكومة مؤقتة قد تؤدي إلى طريق مسدود. إذ بالفعل قوبلت المبادرة الطموحة برفض الرئيس الأفغاني أشرف غني، الذي يصر على أن الانتخابات وحدها هي التي يمكن أن تؤدي إلى انتقال للسلطة. وقد أبدت القيادة العليا لطالبان شكوكها، كما يساور التردد بعض الدول إزاء الالتزام. إن فشل هذه المبادرة الجديدة، التي تهدف إلى توفير غطاء إما لانسحاب القوات الأمريكية أو تأخيرها، لن يؤدي إلا إلى زيادة تعقيد قرار هو صعب بالفعل.
شارك في كتابة المقال جاك ريان وجشريب شوكت، وهما باحثان مساعدان لمارفن وينباوم.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.