عندما لقي تنظيم داعش الإقليمي الهزيمة في سوريا قبل أكثر من ثلاث سنوات، احتفل العالم بإنجاز تاريخي. فعلى مدار خمس سنوات، حشد تحالف ضم أكثر من 80 دولة موارده المشتركة لدحر «داعش» في سوريا والعراق، والتصدي للجماعة الإرهابية على الإنترنت، ودحر شبكاتها المالية والشركات التابعة لها المكتشفة حديثاً في جميع أنحاء العالم.
وفي غضون أشهر من سقوط آخر جيب لـ«داعش» فعندما لقي تنظيم «داعش» الإقليمي الهزيمة في سوريا قبل أكثر من ثلاث سنوات، احتفل العالم بإنجاز تاريخي. فعلى مدار خمس سنوات، حشد تحالف ضم أكثر من 80 دولة موارده المشتركة لدحر «داعش» في سوريا والعراق، والتصدي للجماعة الإرهابية على الإنترنت، ودحر شبكاتها المالية والشركات التابعة لها المكتشفة حديثاً في جميع أنحاء العالم.
وفي غضون أشهر من سقوط آخر جيب لـ«داعش» في مارس (آذار) 2019، قتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي على يد القوات الأميركية الخاصة في أكتوبر (تشرين الأول)، ومؤخراً، قتل خليفته «أبو إبراهيم القرشي» في فبراير (شباط) 2022.
وعلى الرغم من بعض المخاوف السياسية المحلية، لا تزال القوات الأميركية منتشرة في سوريا إلى جانب «قوات سوريا الديمقراطية». وأوضحت الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى المنطقة القائد المعين حديثاً للقيادة المركزية الأميركية، الجنرال كوريلا، هذا الالتزام المستمر. لذلك، يبدو على السطح أن الجهد متعدد الجنسيات لهزيمة «داعش» لا يعرف سوى النجاحات التي تحققت في سوريا، وكذلك في العراق، حيث أظهرت قوات الأمن قدرة أعلى بكثير في مواجهة التنظيم مما كانت عليه قبل عام 2014.
ورغم ذلك، فإن الواقع يبدو أكثر تعقيداً ومثيراً للقلق. فقبل ثلاثة أشهر، شنَّ ما لا يقل عن 100 مسلح من «داعش» أكبر هجوم للتنظيم منذ سنوات، على سجن «السينا» في الحسكة. وأدت العملية التي نسقها القيادي البارز في تنظيم «داعش» أبو مقداد العراقي، إلى مقتل ما لا يقل عن 140 من أفراد «قوات سوريا الديمقراطية»، وحررت العشرات، إن لم يكن المئات، من أعضاء التنظيم، بمن فيهم القادة المسجونون منذ فترة طويلة من ذوي الخبرة، مثل أبو دجانة العراقي وأبو حمزة الشرقي.
وأفادت مصادر محلية بأن الفارين من تنظيم «داعش» تم نقلهم جنوباً في عملية إخلاء مخطط لها مسبقاً باتجاه المنطقة الصحراوية شمال الباغوز وشرق البصيرة، على امتداد الحدود العراقية. وقد أصبحت هذه المنطقة، بحكم الواقع، معقلاً لـ«داعش»، على مدى الاثني عشر شهراً الماضية، حيث يفرض التنظيم نظاماً لفرض الضرائب على المدنيين المحليين والشركات الصغيرة، ويستقبل الفارين الذين أعلنوا التوبة وانشقوا عن «قوات سوريا الديمقراطية» المحليين. وعلى نطاق أوسع في جميع أنحاء صحراء البادية المركزية في سوريا، يدير «داعش» شبكة من الملاجئ والمخيمات ومعسكرات التدريب الصحراوية الصغيرة.
ومن خلال هذه المواقع الصغيرة والمتنقلة، شنَّ «داعش» حملة اعتيادية استهدفت «قوات سوريا الديمقراطية» وقوات النظام السوري. وفي الأشهر التي أعقبت الهجوم على سجن «السينا»، أصبحت هجمات «داعش» أكثر جرأة، وفي بعض الحالات أكثر تعقيداً. وقد نجحت سلسلة من الهجمات المنسقة والمتزامنة في ريف حمص وجنوب الرقة في مارس (آذار) في الاستيلاء مؤقتاً على عدد من المواقع العسكرية الموالية للنظام والأراضي المأهولة بالسكان.
وتشير زيادة المخاطر إلى أنه من المرجح أن يحتفظ «داعش» بموارد أكثر من ذي قبل. وتشير حقيقة أن التنظيم يحتفظ بهذه السيطرة المفتوحة في مناطق شرق الفرات إلى أنه لا يبالي بأي تحدٍ محلي لنفوذه. ويبدو أيضاً أن تنظيم «داعش» يتبرأ عن عمد من مسؤوليته عن غالبية عملياته في سوريا، في استراتيجية لا يمكن إلا أن تهدف إلى غرس شعور زائف بالثقة داخل المجتمع الدولي. وفي الواقع، كان مسلحو «داعش» وراء أكثر من خمسين اعتداء وقع في صحراء البادية منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، لكنهم لم يعلنوا مسؤوليتهم عن أي منها، ناهيك بأنشطة «داعش» والضعف المستمر لشبكة مراكز الاحتجاز المؤقتة التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي يُحتجز فيها الآلاف من سجناء «داعش» المتمرسين في القتال.
وينبغي على المجتمع الدولي أيضاً أن يشعر بقلق بالغ إزاء تدهور الوضع في معسكرات مثل «الهول». ولا يزال ما لا يقل عن 60 ألف امرأة وطفل قابعين داخل معسكرات الاعتقال، حيث الظروف المعيشية مروعة، ويستمر انعدام الأمن في الارتفاع. وحتى تكون الحكومات المضيفة على استعداد لإعادتهم إلى أوطانهم، ستظل مخيمات «الهول» بمثابة خزانات تجنيد قيّمة لـ«داعش»، ومنبتاً لأزمات إنسانية تلحق الضرر بالعالم.
وفي ظل استمرار تدهور الاقتصاد وانخفاض قيمة العملة السورية، وبعدما باتت أزمة الغذاء وشيكة، وبما أن جزءاً كبيراً من شمال شرقي سوريا لا يزال متضرراً من الأعمال العدائية مع «داعش»، سيستمر التنظيم في استغلال المعاناة الاقتصادية وحالة اليأس.
وفي نهاية المطاف، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها داخل التحالف العالمي الاعتراف بالأهمية الحيوية للأدوات الاستراتيجية غير العسكرية طويلة المدى في الحرب ضد «داعش». ويحتاج التحالف المناهض للتنظيم الإرهابي إلى زيادة المساعدة في تحقيق الاستقرار وإعادة البناء في جميع أنحاء مناطق «داعش» السابقة، والعمل على خلق سلام واعد ومستدام كبديل لحالة الصراع المتجدد وعدم الاستقرار.
لكن، للأسف، لم ينجز سوى قليل جداً من ذلك منذ عام 2019.
ومع كون الحرب في أوكرانيا تستقطب الانتباه الدولي في الوقت الحالي، من المرجح أن يواصل «داعش» استراتيجيته البطيئة والمنهجية للتعافي، مدركاً جيداً أن الظروف التي يمكن أن تغذي هذا التعافي من المرجح أن تتحسن بمرور الوقت.
ولا يزال التنظيم ظلاً لما كان عليه في السابق، لكن لديه الوقت في صالحه، ولديه سجل حافل بالصبر. ولذلك، يتعين على العالم أن يستيقظ ويتنبه إلى ضرورة الاستثمار بجدية أكبر في جميع جوانب الاستقرار، قبل فوات الأوان.
ي مارس (آذار) 2019، قتل زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي على يد القوات الأميركية الخاصة في أكتوبر (تشرين الأول)، ومؤخراً، قتل خليفته «أبو إبراهيم القرشي» في فبراير (شباط) 2022.
وعلى الرغم من بعض المخاوف السياسية المحلية، لا تزال القوات الأميركية منتشرة في سوريا إلى جانب «قوات سوريا الديمقراطية». وأوضحت الزيارة الأخيرة التي قام بها إلى المنطقة القائد المعين حديثاً للقيادة المركزية الأميركية، الجنرال كوريلا، هذا الالتزام المستمر. لذلك، يبدو على السطح أن الجهد متعدد الجنسيات لهزيمة «داعش» لا يعرف سوى النجاحات التي تحققت في سوريا، وكذلك في العراق، حيث أظهرت قوات الأمن قدرة أعلى بكثير في مواجهة التنظيم مما كانت عليه قبل عام 2014.
ورغم ذلك، فإن الواقع يبدو أكثر تعقيداً ومثيراً للقلق. فقبل ثلاثة أشهر، شنَّ ما لا يقل عن 100 مسلح من «داعش» أكبر هجوم للتنظيم منذ سنوات، على سجن «السينا» في الحسكة. وأدت العملية التي نسقها القيادي البارز في تنظيم «داعش» أبو مقداد العراقي، إلى مقتل ما لا يقل عن 140 من أفراد «قوات سوريا الديمقراطية»، وحررت العشرات، إن لم يكن المئات، من أعضاء التنظيم، بمن فيهم القادة المسجونون منذ فترة طويلة من ذوي الخبرة، مثل أبو دجانة العراقي وأبو حمزة الشرقي.
وأفادت مصادر محلية بأن الفارين من تنظيم «داعش» تم نقلهم جنوباً في عملية إخلاء مخطط لها مسبقاً باتجاه المنطقة الصحراوية شمال الباغوز وشرق البصيرة، على امتداد الحدود العراقية. وقد أصبحت هذه المنطقة، بحكم الواقع، معقلاً لـ«داعش»، على مدى الاثني عشر شهراً الماضية، حيث يفرض التنظيم نظاماً لفرض الضرائب على المدنيين المحليين والشركات الصغيرة، ويستقبل الفارين الذين أعلنوا التوبة وانشقوا عن «قوات سوريا الديمقراطية» المحليين. وعلى نطاق أوسع في جميع أنحاء صحراء البادية المركزية في سوريا، يدير «داعش» شبكة من الملاجئ والمخيمات ومعسكرات التدريب الصحراوية الصغيرة.
ومن خلال هذه المواقع الصغيرة والمتنقلة، شنَّ «داعش» حملة اعتيادية استهدفت «قوات سوريا الديمقراطية» وقوات النظام السوري. وفي الأشهر التي أعقبت الهجوم على سجن «السينا»، أصبحت هجمات «داعش» أكثر جرأة، وفي بعض الحالات أكثر تعقيداً. وقد نجحت سلسلة من الهجمات المنسقة والمتزامنة في ريف حمص وجنوب الرقة في مارس (آذار) في الاستيلاء مؤقتاً على عدد من المواقع العسكرية الموالية للنظام والأراضي المأهولة بالسكان.
وتشير زيادة المخاطر إلى أنه من المرجح أن يحتفظ «داعش» بموارد أكثر من ذي قبل. وتشير حقيقة أن التنظيم يحتفظ بهذه السيطرة المفتوحة في مناطق شرق الفرات إلى أنه لا يبالي بأي تحدٍ محلي لنفوذه. ويبدو أيضاً أن تنظيم «داعش» يتبرأ عن عمد من مسؤوليته عن غالبية عملياته في سوريا، في استراتيجية لا يمكن إلا أن تهدف إلى غرس شعور زائف بالثقة داخل المجتمع الدولي. وفي الواقع، كان مسلحو «داعش» وراء أكثر من خمسين اعتداء وقع في صحراء البادية منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، لكنهم لم يعلنوا مسؤوليتهم عن أي منها، ناهيك بأنشطة «داعش» والضعف المستمر لشبكة مراكز الاحتجاز المؤقتة التابعة لـ«قوات سوريا الديمقراطية» التي يُحتجز فيها الآلاف من سجناء «داعش» المتمرسين في القتال.
وينبغي على المجتمع الدولي أيضاً أن يشعر بقلق بالغ إزاء تدهور الوضع في معسكرات مثل «الهول». ولا يزال ما لا يقل عن 60 ألف امرأة وطفل قابعين داخل معسكرات الاعتقال، حيث الظروف المعيشية مروعة، ويستمر انعدام الأمن في الارتفاع. وحتى تكون الحكومات المضيفة على استعداد لإعادتهم إلى أوطانهم، ستظل مخيمات «الهول» بمثابة خزانات تجنيد قيّمة لـ«داعش»، ومنبتاً لأزمات إنسانية تلحق الضرر بالعالم.
وفي ظل استمرار تدهور الاقتصاد وانخفاض قيمة العملة السورية، وبعدما باتت أزمة الغذاء وشيكة، وبما أن جزءاً كبيراً من شمال شرقي سوريا لا يزال متضرراً من الأعمال العدائية مع «داعش»، سيستمر التنظيم في استغلال المعاناة الاقتصادية وحالة اليأس.
وفي نهاية المطاف، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها داخل التحالف العالمي الاعتراف بالأهمية الحيوية للأدوات الاستراتيجية غير العسكرية طويلة المدى في الحرب ضد «داعش». ويحتاج التحالف المناهض للتنظيم الإرهابي إلى زيادة المساعدة في تحقيق الاستقرار وإعادة البناء في جميع أنحاء مناطق «داعش» السابقة، والعمل على خلق سلام واعد ومستدام كبديل لحالة الصراع المتجدد وعدم الاستقرار.
لكن، للأسف، لم ينجز سوى القليل جداً من ذلك منذ عام 2019.
ومع كون الحرب في أوكرانيا تستقطب الانتباه الدولي في الوقت الحالي، من المرجح أن يواصل «داعش» استراتيجيته البطيئة والمنهجية للتعافي، مدركاً جيداً أن الظروف التي يمكن أن تغذي هذا التعافي من المرجح أن تتحسن بمرور الوقت.
ولا يزال التنظيم ظلاً لما كان عليه في السابق، لكن لديه الوقت في صالحه، ولديه سجل حافل بالصبر. ولذلك، يتعين على العالم أن يستيقظ ويتنبه إلى ضرورة الاستثمار بجدية أكبر في جميع جوانب الاستقرار، قبل فوات الأوان.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.