فرضت الحكومة اللبنانية حالة إغلاق صارمة عقب تسجيل أكبر حصيلة إصابات يومية الأسبوع الماضي منذ أن بدأت الجائحة. وتحصد الحكومة اللبنانية الآن ما زرعته بعدما أرخت القيود الصحية العامة خلال فترة العطلات.
بهدف التخفيف من وطأة الأزمة الاقتصادية، وجذب الدولارات التي تحتاجها البلاد عبر جذب السياح الأجانب، خففت الحكومة من إجراءات الإغلاق، وأدى هذا التساهل الفوضوي إلى ضغط لا مبرر له على نظام الرعاية الطبية، بل قد يُزيد في الواقع من كساد النشاط الاقتصادي؛ نظرا لمدى الإغلاق وشدته.
تجاوزت مستشفيات لبنان طاقتها الاستيعابية، وتعمل معظمها بموجب توفير الأسرّة في وحدات العناية الفائقة، بل ورفض استقبال الحالات. وأصبحت أسطوانات الأكسجين حاليا سلعة نادرة تباع في السوق السوداء بمبلغ يصل إلى 2000 دولار، وهو ما يعادل - بسعر الصرف الحالي لليرة اللبنانية - أجر 26 شهرا من راتب الحد الأدنى للأجور.
مأساوية أزمة كورونا في لبنان، ليس فقط بسبب ما سببته من خسائر بشرية، ولكن لأنها غير ضرورية وكان يمكن تفاديها. فإن تعلمت السلطات اللبنانية من استجابة إيطاليا الفاشلة للجائحة، وتبنت موقفا أكثر حزما تجاه التجاهل الشعبي لإجراءات السلامة، وبذلت جهدا أكثر جدية لشراء اللقاحات، لكان بإمكانها أن تمنع من تفاقم الأزمة، واحتوائها بشكل أكثر ملاءمة.
حاليا، وخلال الأسابيع المقبلة، فإن الطريق إلى اللقاح مليء بعثرات لوجستية وسياسية. وفي بلد مثل لبنان مشهور بأزمات الكهرباء والوقود، ومع توقع أن يبدأ طرح اللقاح في فبراير، فلن يكون من السهل، أبدا، تخزين وتأمين 2.1 مليون جرعة من لقاح فايزر في درجة الحرارة المطلوبة وهي 70 درجة مئوية تحت الصفر. وما يزيد من تلك المخاوف هو ذكرى سوء تخزين أطنان الطحين التي تلفت في لبنان بعدما تبرعت به الحكومة العراقية، كما فاقم انفجار المرفأ من هذه المخاوف.
والأهم من ذلك، ففي بلد يخضع فيه التوظيف – حتى بالنسبة لأقل درجات السلم الوظيفي الحكومي - إلى الطائفية والمحسوبية، فإن توزيع اللقاحات مُعرض لخطر أن يتم بناء على التوازنات الطائفية، بدلا من توزيع اللقاحات على أساس الحاجة الطبية. حذرت منظمة الصحة العالمية مما أسمته فشلا أخلاقيا كارثيا؛ بسبب غياب المساواة في توزيع اللقاح، لكن في لبنان، فالمخاوف مضاعفة، وعلاوة على ذلك، فهناك تعقيدات الجغرافيا السياسية، والأيديولوجية وتداخلها مع الرعاية الطبية، فبعض القادة السياسيين النافذين يرفضون تلقي اللقاحات الأمريكية؛ الأمر الذي سيعيق جهود توزيع اللقاحات، أو يؤخرها.
وفي الوقت الذي يحتاج فيه الشعب اللبناني إلى بصيص من الأمل، فإن عودة تفشي فيروس كورونا، وسوء التعامل معه يذكران بهشاشة الحكومة اللبنانية.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.