رشيد أوراز
بمجرد ظهور العلامات الأولى للأزمة الصحية الناجمة عن فيروس كورونا المستجد في شمال إفريقيا، اتخذ المغرب إجراءات سريعة وحاسمة، حيث نفذ تدابير صحية واقتصادية وأمنية واجتماعية بدءا من نهاية فبراير 2020. تفسر هذه الإجراءات إلى حد كبير تصور المواطنين الإيجابي لتعامل الدولة مع هذا الوضع الصعب، وهو تحد لم يسبق له مثيل منذ الربيع العربي في 2011.
تؤكد نتائج الجزء الثالث من الموجة السادسة لمسح الباروميتر العربي[1]، التي أجريت في مارس وأبريل 2021، أن انتشار كوفيد 19 (43 في المائة من المستجوبين) والوضع الاقتصادي (33 في المائة) لا يزالان يمثلان التحديين الرئيسيين للمغاربة، وهما نفس التحديان اللذان برزا في الإصدارات السابقة من الموجة السادسة للمسح. كما يقول 18 في المائة من المستجوبين أنهم قلقون جدا و33 في المائة أنهم قلقون إلى حد ما من استمرار انتشار فيروس كورونا وإصابة العديد من الأشخاص في البلاد خلال الأشهر الستة المقبلة.
قال حوالي ربع المغاربة (23 في المائة) إن رد الفعل السريع للحكومة على الوباء هو سبب عدم قلقهم من تفشي المرض - وهي الأعلى بين الدول السبع التي شملها هذا الجزء من الموجة السادسة من الاستطلاع. ساعد أداء الحكومة في إدارة أزمة كوفيد 19 على تعزيز الثقة بها: قال 25 في المائة إنهم يشعرون بقدر كبير من الثقة بها، بينما قال 23 في المائة أنها تحضى بالثقة إلى حد ما في نظرهم، وفقًا لنتائج الاستطلاع. أدى هذا الأداء أيضًا إلى تحسين الرضا العام عن الحكومة المغربية، إذ قال 16 في المائة إنهم "راضون تمامًا" و54 في المائة قالوا إنهم "راضون" عن عمل السلطات الحكومية.
عند إجراء المسح قال 10 في المائة من المستجوبين أنهم أخذوا اللقاح بالفعل. تفسر حملة التوعية التي أطلقتها الدولة، فضلاً عن الآمال الكبيرة للناس في أن حملة التطعيم سترفع إجراءات الإغلاق وحظر التجول الذي تفرضه السلطات لماذا قال 56 في المائة من المستجوبين إنهم من المرجح جدًا أن يحصلوا على التطعيم إذا كان مجانيًا، وقال 20 في المائة أنه من المرجح نوعا ما أن يتلقوا التطعيم، بينما قال 10 في المائة فقط إنهم من غير المرجح أن يفعلوا ذلك. وبعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.3 في المائة خلال سنة 2020[2]، يُنظر إلى اللقاح على أنه السبيل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المغربي.
يشعر المغاربة بقلق أكبر من تأثير فيروس كورونا على تعطيل تعليم ابنائهم، والتأثير على حالتهم النفسية والعاطفية، وزيادة تكلفة المعيشة الناجمة عن الوباء بنسب تتراوح بين 24 و21 و17 في المائة على التوالي. ويرجع الخوف من التأثيرات النفسية والعاطفية إلى مدة الحجر الصحي الطويلة التي فرضتها السلطات في بداية الوباء، والتي دامت ثلاثة أشهر، وكانت أحد أطول إجراءات الحجر الصحي التي تم فرضها على مستوى العالم في عام 2020.
الدعم الحكومي للاقتصاد
فيما يتعلق بالدعم الاجتماعي الحكومي للأسر، قال 41٪ من المستجوبين أنهم حصلوا على إعانات مالية، و6 في المائة على غذاء، بينما لم يحصل 51 في المائة على أي مساعدة تذكر. وأتت معظم المساعدات من الصندوق الذي تم إنشاؤه يوم 13 مارس 2020 بناءً على تعليمات الملك[3] لمواجهة آثار كوفيد 19،[4] من خلال جمع التبرعات من رجال الأعمال والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والحكومات الأجنبية والمواطنين. تلقى الصندوق 33.7 مليار درهم (3.75 مليار دولار) بحلول يوليو 2020.[5] في الواقع، كانت هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها الدولة دعمًا ماليًا مباشرًا لعدد كبير من المواطنين، بالنظر إلى أن الإعانات كانت سابقا تشمل مجموعات قليلة فقط. لعب هذا الدعم في الأشهر الأولى من الإغلاق دورًا رئيسيًا في استرجاع الحكومة لمستويات ثقة غير مسبوقة ويفسر أيضا تراجع الاحتجاجات الاجتماعية خلال الأشهر الأخيرة.
من خلال الصندوق الخاص لإدارة جائحة كوفيد 19، دفعت الحكومة 2000 درهم لموظفي القطاع الخاص المسجلين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) والمواطنين الناشطين في القطاع غير الرسمي والمسجلين في نظام التأمين الصحي (RAMED) مبالغ تصل ل800 درهم للأسر المكونة من فردين على الأقل، و1000 درهم للأسر المكونة من ثلاثة أو أربعة أفراد، و1200 درهم للأسر المكونة من أكثر من أربعة أفراد[6]. تم دفع هذه المساعدة لمدة ثلاثة أشهر اعتبارًا من مارس 2020، ولأشهر إضافية لبعض القطاعات المتأثرة لاحقًا، مثل قطاع السياحة.
بخلاف المساعدة المباشرة، نفذت لجنة اليقظة الاقتصادية أيضًا تدابير مالية تهدف إلى إعفاء أي مساهمات إضافية من أرباب العمل لموظفيهم المنتسبين إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من الضرائب، بما يصل إلى 50 في المائة من متوسط رواتبهم الشهرية الصافية. وقد أثر هذا الدعم بلا شك على تقييم المغاربة للوضع الاقتصادي خلال إجراء هذا المسح.
يرتبط تقييم الوضعية الاقتصادية عند المواطن المغربي بالمعيشة اليومية واستقرار الأسواق (التحكم في معدلات التضخم) بغض النظر عن وضعية المؤشرات الماكرو اقتصادية الأخرى. لهذا يقيم المستجوبون الوضع الاقتصادي الحالي للبلد بالجيد جدا بنسبة 11 في المائة وبالجيد بنسبة 52 في المائة، وهي النسب الأعلى بين البلدان السبعة التي شملها الاستطلاع. كما يظن 44 في المائة و23 في المائة أن الوضع الاقتصادي سيكون على التوالي "أفضل بكثير" و"أفضل نوعا ما" في البلاد خلال السنوات القليلة المقبلة (2-3 سنوات) مقارنة بالوضع الحالي، ويقول 64 في المائة أن "كنا قلقين من نفاد طعامنا قبل أن نحصل على المال لشراء المزيد" و58 في المائة أن "الطعام الذي اشتريناه لم يدم ولم يكن لدينا المال للحصول على المزيد" لم تكن أبدا صحيحة بالنسبة لهم. لكن التحكم في استقرار الأسواق كان هو الواقع خلال العقدين الأخيرين في المغرب[7]، وخلال العقد الأخير لم يتجاوز معدل التضخم في البلاد 2 في المائة بفضل السياسة النقدية الصارمة للبنك المركزي.
يظن 44 في المائة من المستجوبين أن خلق مزيد من فرص العمل من أهم القضايا التي يجب أن تركز عليها الحكومة لتحسين الظروف الاقتصادية في البلاد، يليها إصلاح التعليم بنسبة 20 في المائة، ولا يقول بانخفاض التضخم إلا 8 في المائة، إذ يتمتع بإحدى السياسات النقدية الأكثر استقرارا، بينما أدت معدلات التضخم وغلاء المعيشة لقلاقل وانتفاضات اجتماعية في كثير من بلدان المنطقة منذ 2011. وبصفة عامة، ينبعث الرضى العام للمواطن المغربي على الأداء الاقتصادي للبلاد أساسا من الاستقرار الذي تعرفه أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية خلال السنوات الأخيرة.
لا تزال هناك إصلاحات لا بد منها
إن كان الرضى عن الوضعية الاقتصادية العامة مطمئنا الآن، إلا أنه ليس مدعاة للتراخي. فالمطالب التي يسجلها المواطن المغربي على مستويات أخرى ما تزال تؤكد أن مستويات الرضى على الحكومة والثقة فيها ليست متجذرة، خصوصا ما يتعلق بإصلاح التعليم وتوفير فرص الشغل ومحاربة الفساد؛ ف20 في المائة من المستجوبين يقولون أن إصلاح النظام التعليمي أولى الأولويات التي يجب أن تركز عليها الحكومة لتحسين الظروف الاقتصادية في البلاد، بينما يقول 44 في المائة أن الحكومة يجب أن تركز على توفير مزيد من مناصب الشغل لتحقيق تلك الغاية. وعلى مستوى محاربة الفساد ما يزال الرضى على العمل الحكومي ضعيفا، إذ يظن 19 في المائة من المغاربة أن الفساد داخل أجهزة ومؤسسات الدولة منتشر إلى حد كبير بينما يقول 42 في المائة أنه منتشر إلى حد متوسط، وإن كان 39 في المائة يظنون أن الحكومة تعمل على محاربة الفساد إلا أن 33 في المائة يظنون أنها تعمل إلى حد متوسط فقط، بينما يظن 15 في المائة أنها تعمل على تحقيق ذلك بشكل محتشم.
Photo by FADEL SENNA/AFP via Getty Images
[1]- شمل الاستطلاع كذلك الجزائر والعراق والأردن ولبنان وليبيا وتونس بالإضافة للمغرب.
[2]- Contraction de 6,3% de l’économie nationale en 2020 (HCP): https://leseco.ma/maroc/contraction-de-63-de-leconomie-nationale-en-2020-hcp.html
[3]- Coronavirus: the King launches a 10 billion dirhams fund: (https://www.medias24.com/2020/03/15/coronavirus-le-roi-ordonne-la-creation-dun-fonds-dedie-de-10-milliards-de-dh/)
[4]- Création d'un fonds spécial dédié à la gestion de la pandémie du Coronavirus "La Covid-19" : (https://www.finances.gov.ma/Fr/Pages/detail-actualite.aspx?fiche=4970)
[5]- Fonds spécial Covid-19: 33,7 milliards de dirhams à fin juillet 2020 : (https://ledesk.ma/encontinu/fonds-special-covid-19-337-milliards-de-dirhams-fin-juillet-2020/)
[6]- Opération de soutien provisoire des ménages opérant dans le secteur informel impactés par le Coronavirus : 23/03/2020: (https://www.finances.gov.ma/fr/Pages/detail-actualite.aspx?fiche=5046)
[7] - Inflation, consumer prices (annual %) – Morocco: (https://data.worldbank.org/indicator/FP.CPI.TOTL.ZG?locations=MA)
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.