يوم الجمعة 5 فبراير 2021، سادت حالة من الصدمة والارتباك بين الليبيين، فقد انتخب ملتقى الحوار السياسي الليبي رئيسا جديدا للحكومة، وهو عبد الحميد الدبيبة رجل أعمال من دون ماضٍ سياسي؛ ليقود المرحلة الانتقالية الرابعة في ليبيا، كما انتُخب محمد المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي المكون من ثلاثة أعضاء والذي تم تشكيله حديثا.
بعد العديد من جولات التصويت، وبعد ما يمكن اعتبارها جولة إعادة نهائية، كان الخيار بين قائمة المرشحين الأوفر حظا والتي يرأسها فتحي باشاغا، وزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني، وتضم شخصيات هامة تمثل الدوائر الانتخابية الرئيسة في ليبيا (كانت هذه القائمة هي المفضلة لدى الأمم المتحدة، ومعظم الدول الغربية)، وبين الخيار الثاني، قائمة ليبيا المستقبل التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، والذي تحوم حوله وحول أسرته - منذ فترة طويلة - ادعاءات بالفساد المالي، وعلاقات مع نظام القذافي، فضلا عن ادعاءات حديثة بأنه اشترى أصوات ترشحه داخل ملتقى الحوار السياسي الليبي. وتتضح أسباب صدمة الليبيين أكثر عندما نتذكر لماذا أُنشِئ ملتقى الحوار السياسي الليبي في المقام الأول.
أُنشِئ ملتقى الحوار السياسي الليبي كآلية للخروج من المأزق السياسي السائد منذ هزيمة خليفة حفتر في معركة طرابلس. ظاهريا، اعتبرت الأمم المتحدة الملتقى كامتداد للمؤتمر الوطني العام الليبي الذي انتهى قبل أن يبدأ، وكان إنشاء الملتقى يهدف للخروج من حالة الجمود السياسي، وإسقاط صلاحيات حق النقض (الفيتو) الممنوحة للأطراف الرئيسية المُوقعة على اتفاق الصخيرات عام 2015. خلف الأبواب المغلقة، تكهن الكثيرون بأن الغرض الحقيقي من تكوين الملتقى هو ترقية باشاغا لمنصب رئيس الحكومة المؤقت، حتى يقوم بالإشراف على الانتخابات، ومن ثم يُقيل رئيس مجلس نواب طبرق - المُثير للجدل - عقيلة صالح باعتباره عقبة، من خلال منحه رئاسة شرفية من دون صلاحيات.
لطالما كان يُنظر إلى الدبيبة على أنه مرشح من خارج الساحة السياسية، وهو معروف بعلاقاته التجارية الفاسدة. ولد الدبيبة في مصراتة، ورغم بداياته المتواضعة، فقد كون ثروة في عهد القذافي؛ ليصبح أحد أقطاب مجال الإنشاءات. يواجه علي الدبيبة ابن عم وصهر رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة تحقيقا مكثفا في المملكة المتحدة بتهمة الاحتيال، كما أنه مُتهم في فضيحة الرشوة التي تلقاها أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي مقابل التصويت لعبد الحميد الدبيبة.
يقول البعض في الشارع الليبي إن الدبيبة من الوجوه الليبية المعروفة، ولو كان من خارج النخب السياسية، بل قد تُعد هذ ميزة تدفع المياه الراكدة، لتنتج تحالفات سياسية جديدة. يعتقد الكثيرون من معارضي عقيلة صالح وفتحي باشاغا أن وجود رجل أعمال استعراضي، وغير سياسي على رأس السلطة قد يكون السبيل لتوحيد ليبيا.
التشابه بين الدبيبة وترامب واضح، فالدبيبة يدعي أنه شعبوي وصل لمنصب سياسي لأنه أتى من خارج الأوساط السياسية، وأن مؤهلاته هي وعوده القائمة على ما أسماه تجفيف مستنقع الفساد، ولكن الحقيقة أن هذه مجرد شعارات. لأنه استغل كل الثغرات القانونية ليكدس ثروته ويتهرب من سداد مستحقاته، والآن بما أنه على رأس السلطة التنفيذية، فعلينا فقط انتظار الأسوأ.
Photo by Mucahit Aydemir/Anadolu Agency via Getty Images
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.