اعتبارا من 16 فبراير 2021 طُبق قرار رفع تصنيف الحوثيين من قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية، حسبما أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي أوضح - قبل بضعة أيام - أن القرار هو محاولة؛ لتهدئة المخاوف بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن، والتي ربما زادها التصنيف. وفي حين أن رفع الحوثيين من قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية بهذه السرعة هو حدث تاريخي، إلا أن أنشطة الحوثيين العدائية مُستمرة بلا هوادة داخل اليمن وخارجه، كما أن توقيتي القرارين اللذين اتخذهما وزيرا الخارجية السابق مايك بومبيو، والحالي بلينكن غير مدروسين، بل ومُنفصلين إلى حد كبير عما يحدث فعليا في اليمن.
لو كانت إدارة ترامب صادقة في مُحاسبة الحوثيين، لكانت الإدارة قد صنفت الحوثيين كمٌنظمة إرهابية أجنبية عندما بدأت حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران، بدلا من إرجاء التصنيف للدقائق الأخيرة قبل تسليم السُلطة. وكما قال مسؤول يمني رفيع للكاتب: "وُلد قرار التصنيف الأمريكي للحوثيين كمُنظمة إرهابية ميتا".
أعطت إدارة بايدن الأولوية لملف اليمن في الأيام الأولى من توليها الحكم، فقد أوقفت العمل بقرار إدراج جماعة الحوثي في قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية، ثم رفعت الجماعة من القائمة، وعيَّنت مبعوثا خاصا لليمن، كما قلصت واشنطن الدعم العسكري للتحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، بالتزامن مع هرولة واشنطن تجاه إعادة العلاقات مع طهران. فيما كان بإمكان إدارة بايدن أن تستخدم، أولا، تعليق العمل بقرار إدراج الحوثيين في قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية - الذي استمر لشهر واحد فقط - وتُمدد هذا التعليق إلى مايو 2021 لحين مُراجعة أشمل لسياسة الولايات المُتحدة تجاه اليمن.
كان من شأن تمديد فترة التوقف السماح بمُعالجة التداعيات الاقتصادية، والمخاوف الإنسانية الحالية، ويُمكن واشنطن، والمُجتمع الدولي من محاسبة الحوثيين على تصعيدهم، فضلا عن تحفيز الحوثيين؛ لتغيير مواقفهم المُتشددة. فعلى سبيل المثال، مسألة خزان صافر النفطي تُعد أحد أهم القضايا التي تتطلب حلا وسطا بصورة عاجلة؛ لنزع فتيل هذه القنبلة العائمة في جنوب البحر الأحمر، كما كان ينبغي وقف هجوم الحوثيين في محافظة مأرب، ومنعهم من تحويل مسار المُساعدات الإنسانية.
بدلا من ذلك، فإن تضارب وزيري الخارجية، وسرعة إدراج الحوثيين، ثم سرعة رفعهم من قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية؛ شجع الحوثيين على شن هجوم شرس للسيطرة على مأرب من خلال الهجوم عبر 15 جبهة، فضلا عن استهدافهم لمطار أبها في المملكة العربية السعودية، وتشكيكهم بقوة في القائمة الأمريكية للمُنظمات الإرهابية الأجنبية. فقد قال القيادي الحوثي محمد علي الحوثي في تغريدة له على موقع تويتر: "إعلان بلينكن يؤكد خطأ التصنيف الذي اتخذته الإدارة السابقة، ويؤكد أن الأعداء والخصوم يشهدون بدفاع أنصار الله (الحوثيين) المشروع في معركة الدفاع عن الوطن والذود عن السيادة، وأن لا شرعية لأي قرار مُستقبلا لذلك ننظر أن التراجع عن قرار التصنيف أمر إيجابي كون عواقبه على الشعب اليمني المحاصر، وتؤلمنا مُعاناته".
لم تحقق الولايات المُتحدة أي نتائج، بل وجهت رسالة خاطئة عندما تراجعت عن دورها في مواجهة الحوثيين؛ بهدف تمهيد الطريق جزئيا؛ لتجديد الاتفاق النووي مع إيران عبر السعي إلى تحقيق نصر دبلوماسي سريع في اليمن.
ومع ذلك، فبالنسبة للعديد من اليمنيين الذين عاشوا العواقب المروعة للتمرد المُسلح الذي بدأ في سبتمبر 2014 كان النقاش حول التصنيف الأمريكي بمثابة نافذة استغلها اليمنيون؛ لإيصال صوتهم للعالم، لكشف حقيقة التمرد الحوثي. إذ يُمكن لأي شخص مُهتم أن يُقارن معايير التصنيف الأمريكي للمُنظمات الإرهابية الأجنبية بسجل جماعة الحوثي، فقد أنشأ اليمنيون أرشيفا رقميا على موقع تويتر يحتوي على أكثر من نصف مليون تغريدة تحت الوسمين: #الحوثي_جماعه_ارهابيه
#اوقفوا_ارهاب_الحوثي_في_اليمن
تطلع العديد من اليمنيين إلى أن تتعامل الإدارات الأمريكية مع إدراج الحوثي في قائمة المُنظمات الإرهابية الأجنبية بشكل أفضل مما حدث؛ فقد تضررت شركات يمنية من القرار الأول، رغم الإلغاء الذي قدم نصرا مجانيا للحوثيين. في الوقت الراهن، تدفع مأرب، التي تستضيف أكثر من مليوني نازح داخلي، ثمنا باهظا بسبب تناقض المواقف الأمريكية.
The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.