ثمة تحالف جيوستراتيجي جديد وملحوظ إلى حد ما وهو آخذ في التصاعد. لفترة طويلة، ظلت الهند وإسرائيل والإمارات تتمتع بعلاقات سطحية في مجال المعاملات، غير أن اتفاقيات التطبيع في العام الماضي بين إسرائيل والعديد من الدول العربية – وعلى رأسها الإمارات – جنبًا إلى جنب مع محاولة تركيا العودة كزعيمة للمنظومة الإسلامية والتباعد المتزايد بين الإمارات وباكستان، قد أوجدت تحالفًا غير مسبوق ولعله غير متوقع بين الهند ودول الاتفاقيات الإبراهيمية. هذا الاتفاق متعدد الأطراف قد يملأ الفجوة التي تُخلفها أمريكا في الشرق الأوسط كذا لديه القدرة على تغيير الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية في المنطقة.

في الماضي كان كل شيء يدور حول التاريخ والدين

في النظام العالمي الذي أعقب الحرب العالمية الثانية، كانت كل من الهند وإسرائيل والإمارات عالقة في مسار علاقات معقد للغاية بسبب التاريخ والدين – وهما مبدآن راسخان وأساسيان لمراكز القوة الثلاثة.

ففي منتصف القرن الماضي، نتيجة لتقسيم الهند البريطانية وتأسيس دولة باكستان، سعت الهند لجذب الدول الإسلامية. فأيدت نيودلهي حق الفلسطينيين في تقرير المصير ووقفت إلى جانب الدول العربية في صراعها مع إسرائيل. كانت للهند علاقات قوية مع مصر في عهد الرئيس جمال عبد الناصر بسبب النضال المشترك بين البلدين ضد الاحتلال البريطاني، وتاريخ بلديهما، وانخراط قادتهما، الرئيس عبد الناصر ورئيس الوزراء جواهر لال نهرو، في طليعة حركة عدم الانحياز.

ولكن ردًا على التوجه العروبي الذي دافع عنه عبد الناصر وجامعة الدول العربية التي تتخذ من القاهرة مقرًا لها، أسست السعودية منظمة المؤتمر الإسلامي ومقرها في جدة (حاليًا منظمة التعاون الإسلامي) لتأكيد قيادة السعودية، وبالتبعية دول الخليج، للقضايا الإسلامية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك النزاع طويل الأمد بين الهند وباكستان حول جامو وكشمير.

على مدى عدة عقود، حافظت الإمارات وباكستان على شراكة وثيقة وقوية للغاية، إذ تستضيف الإمارات عددًا كبيرًا من الباكستانيين المغتربين الذين يرسلون تحويلات كبيرة إلى وطنهم باكستان، بالإضافة إلى تقديم المساعدات المالية والقروض. وفي نظير سخائها، تمتعت الإمارات بعلاقات استراتيجية مع القوة النووية الوحيدة في العالم الإسلامي، وحصلت على دعم وتدريب عسكري وأمني شديد الأهمية من باكستان.

من جانبها، كان لإسرائيل قدرة محدودة على تحقيق توافق مع أعضاء حركة عدم الانحياز، بما في ذلك الهند والعديد من الدول الأخرى من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بسبب القضية الفلسطينية والصراع الأوسع مع الدول العربية بالإضافة إلى مشاعر العداء ضد أمريكا في دول العالم النامي.

نهاية الحرب الباردة وفجر عصر العلاقات التبادلية

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة، نجحت إسرائيل في إقامة علاقات دبلوماسية مع الهند عام 1992، وأقامت علاقات غير رسمية مع العديد من دول الخليج في التسعينات. وعلى مدى العقدين التاليين، نمت علاقات المعاملات بين الهند وإسرائيل والإمارات ببطء. أرادت الهند الوصول إلى سوق العمل والنفط الإماراتي بينما أدركت الإمارات مكانة الهند كقوة عالمية ناشئة. في عصر تنافس القوى العظمى، أخذت نيودلهي مكانة مركزية لطموحات أبو ظبي للحصول على الاستقلال الاستراتيجي. وعلى جبهة أخرى، أرادت إسرائيل تحقيق تقدم مع جيرانها في المنطقة ورأت الإمارات فيها قناة رئيسية لتوصيلها بواشنطن. وعلى الرغم من إدانة الهند للأعمال الإسرائيلية في الضفة العربية وقطاع غزة، فإن البلدين يجمعهما مخاوف أمنية واستراتيجية مشتركة.

أكثر من مجرد اتفاق للتطبيع – إنه تحالف

المخاوف المشتركة في تل أبيب وأبو ظبي – من الحركات الإسلامية إلى السياسة الخارجية التوسعية لطهران وأنقرة – أوجدت حافزًا للمضي قدمًا بخطوة غير مسبوقة: اتفاق لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودولتين خليجيتين. رعت إدارة ترامب ما سمي بـ"الاتفاقات الإبراهيمية" بين إسرائيل والبحرين والإمارات، بناء على عقود من العلاقات غير الرسمية وكذلك على التقارب الجغرافي الاستراتيجي الذي حدث مؤخرًا. فيما أبدت السعودية، وهي القوة الخليجية التقليدية، موافقتها "الصامتة" على الاتفاقيات.

منذ التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية، تعهد القادة الإسرائيليون والإماراتيون بمزيد من التعاون الدفاعي، بما في ذلك الدعم الإسرائيلي لبيع الولايات المتحدة لطائرات إف-35 إلى الإمارات. علاوة على ذلك، زادت التجارة بين إسرائيل والإمارات بشكل كبير، وزار أكثر من 200 ألف إسرائيلي دولة الإمارات في هذه الفترة القصيرة. ومن بين الإعلانات البارزة كان ذلك الإعلان عن الصندوق الإبراهيمي للإمارات بقيمة 3 مليارات دولار، والذي يركز على الاستثمار في مجالات التعاون ذات الأولوية مثل التجارة والتكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة. أخيرًا، تعمل أبو ظبي وتل أبيب معًا على بناء نظام إقليمي رقمي جديد، وهو نظام ستشترك فيه الدولتان بشكل وثيق أكثر من أي وقت مضى في تطوير التقنيات الناشئة والقدرات السيبرانية.

على الرغم من تدهور الأوضاع في غزة، وإجلاء الفلسطينيين في القدس الشرقية، والانتقال من بنيامين نتنياهو إلى تحالف نفتالي بينيت – يائير لابيد، فقد أوضحت الإمارات تمامًا أن الاتفاقيات الإبراهيمية هي خيار استراتيجي وسيادي منفصل ومستقل عن الأوضاع الفلسطينية/الإسرائيلية وعن طبيعة الحكم في إسرائيل نفسها. في الواقع، وبعد فترة وجيزة من تشكيل ائتلاف بينيت – لابيد، قام وزير الخارجية لابيد بزيارة تاريخية لمدة يومين لدولة الإمارات. وافتتح لابيد سفارة إسرائيلية في أبو ظبي وقنصلية في دبي، مما جعل الإمارات أول دولة خليجية يزورها وزير إسرائيلي منذ الاتفاقيات.

اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل والدول العربية – الإمارات والبحرين والسودان والمغرب – ليست سلامًا باردًا مثل الصفقات التي كانت برعاية الولايات المتحدة مع القاهرة في 1979 وعمان في 1994. فهي تتجاوز القضية الفلسطينية ومركزيتها فيما يخص العلاقات العربية – الإسرائيلية منذ الأربعينات، وتركز أكثر على المخاوف الأمنية المشتركة بشأن أنقرة وطهران وتطويقهما لإسرائيل والإمارات ودول الخليج على نطاق واسع.

اصطفاف باكستان مع نظام إسلامي بقيادة تركيا

التوافق بين إسرائيل والإمارات في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط كان يحدث بالتوازي مع التغيرات الكبرى الأخرى في الديناميات الإقليمية، بما في ذلك العلاقات المتنامية بين الخليج والهند تحت قيادة ناريندرا مودي، وإعادة التوافق بين باكستان وتركيا. لم تقتصر المنافسة الجيوستراتيجية بين تركيا من جهة والإمارات وإسرائيل من جهة أخرى على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشرق المتوسط، لكنها امتدت لتشمل بقية العالم الإسلامي، حيث تقدم أنقرة نفسها على أنها الزعيمة في محاولة لتحل محل السعودية. وفي ديسمبر 2019، قام مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي وقتها بدعوة قيادات مسلمة من القادة السياسيين ورجال الدين والمفكرين المسلمين من 52 دولة، من بينها تركيا وقطر وإيران، إلى قمة في كوالالمبور لمناقشة التحديات التي تواجه العالم الإسلامي. في الخليج، كان يُنظر إلى قمة كوالالمبور على نطاق واسع على أنها محاولة تتزعمها تركيا لتقويض القيادة السعودية/الخليجية للعالم الإسلامي والتقليد المستمر منذ عقود في مناقشة الشؤون الإسلامية تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي التي تتخذ من جدة مقرًا لها. وأجبرت الرياض وأبو ظبي باكستان ورئيس وزرائها عمران خان على عدم حضور القمة وتجنب التقاط صور مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني، وكلاهما منافس للسعودية والإمارات.

وعلى الرغم من انسحاب باكستان في نهاية المطاف من القمة، كان هناك خلاف متزايد بين إسلام أباد وحلفائها في الخليج، لا سيما بشأن مسألتي كشمير والفلسطينيين. وزير الخارجية الباكستاني سيد محمود قريشي، حث السعودية على إظهار دورها القيادي فيما يتعلق بقضية كشمير ردًا على تردد الرياض في دعم دعوة باكستان لحضور اجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي. قال قريشي: "هذا صحيح، أنا أتخذ هذا الموقف بالرغم من علاقاتنا الجيدة مع السعودية". كما أن كشمير ليست قضية الخلاف الوحيدة بين الخليج وباكستان. رئيس الوزراء خان، على الرغم من أنه لم ينتقد صراحة تطبيع الإمارات مع إسرائيل، إلا أنه شدد على أن باكستان لن تعترف بإسرائيل. وقال إنه إذا اعترفت باكستان بإسرائيل على حساب حقوق الفلسطينيين، "فسيتعين علينا التنازل عن كشمير أيضًا". وصلت العلاقة بين أبو ظبي وإسلام أباد لاحقًا إلى الحضيض، حين فرضت الإمارات قيودًا على المغتربين الباكستانيين.

كما ابتعدت إسلام أباد عن الرياض وأبو ظبي بسبب تحالفها الأوسع مع أنقرة. أهم علامة على وجود تحالف جيوستراتيجي بين تركيا وباكستان هو مفاوضات أنقرة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بشأن دور تركي محتمل في تشغيل وتأمين مطار كابول الدولي بعد الانسحاب العسكري الأمريكي. إذ يرتبط نجاح مهمة أنقرة الطموحة في كابول بضرورة دعم إسلام أباد وتعاونها، نظرًا لنفوذ باكستان في أفغانستان، مما قد يخفف من معارضة طالبان للخطة. على الرغم من أن باكستان قد طمأنت دول الخليج بأن دعمها لنظام إسلامي تقوده تركيا ليس مصدر قلق، فمن المرجح أن يؤدي التعاون الاستراتيجي بين إسلام أباد وأنقرة في أفغانستان إلى تفاقم عدم ثقة الإمارات. وهكذا يبدو أن الخلاف السياسي بين إسلام أباد وأبو ظبي قد نما بشكل كبير بما يكفي لتجاوز صداقتهما السابقة.

مودي مقابل أردوغان

تتسم العلاقات بين الهند وتركيا بالبرودة وعدم الثقة المتبادلة منذ قيام العلاقات الثنائية بينهما في 1949. خلال الحرب الباردة، كانت نيودلهي وأنقرة على خلاف جيوسياسي، حيث كانت الهند إحدى زعامات حركة عدم الانحياز التي تميل نحو المعسكر السوفيتي بينما تولت تركيا حراسة البوابة الشرقية ضد الاتحاد السوفيتي. وبعد نهاية الحرب الباردة، كان هناك جهد حقيقي لكسر الجليد بين نيودلهي وأنقرة، مما أدى إلى زيادة كبيرة في التجارة الثنائية والاستثمارات والزيارات المتبادلة رفيعة المستوى من قِبَل قادة البلدين. ومع ذلك، فإن العلاقات الاقتصادية المتنامية لا يمكنها سد الفجوة بين المصالح الاستراتيجية الهندية والتركية أو التغلب على صعود زعامتين للبلدين لديهما لهما توجهات إيديولوجية متناقضة، وهما رئيس الوزراء مودي والرئيس أردوغان.

تتعارض صورة الرئيس التركي أردوغان بصفته نصيرًا للإسلام السياسي العالمي مع التوجه القومي الهندوسي لرئيس الوزراء الهندي مودي كذا فهي تشجع خصوم الهند. ومما لا يثير الدهشة، أن تركيا كثفت دعمها لباكستان في قضية كشمير منذ صعود أردوغان إلى السلطة. أثناء الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2019، انتقد أردوغان الهند لإلغاء الحكم الذاتي لجامو وكشمير. في المقابل، ألغى مودي رحلة مجدولة إلى تركيا. علاوة على ذلك، وبخلاف مجرد قضية كشمير، تنظر باكستان أيضًا إلى تركيا باعتبارها شريكًا أمنيًا وموردًا للأسلحة يمكن الثقة به، خاصة بعد التدخل التركي في ليبيا وأذربيجان وتصاعد شهرة الطائرات التركية المُسيرة. كما تدعم تركيا عضوية باكستان في مجموعة موردي المواد النووية وقد عارضت من قبل عضوية الهند في المنظمة بناءً على طلب باكستان. ردًا على هذا التهديد المتزايد، اتجهت نيودلهي إلى شرق المتوسط والخليج العربي لمواجهة النفوذ التركي من خلال التعاون مع خصومها الرئيسيين اليونان والإمارات. في شرق المتوسط، تدعم الهند موقف اليونان ضد دبلوماسية القوارب البحرية التركية. كما كثفت نيودلهي وأثينا التنسيق والتعاون العسكري. وفي وقت سابق من شهر يوليو، أجرت اليونان والهند مناورة بحرية في شرق المتوسط – كإظهار للتضامن مع اليونان في مواجهتها لطموحات تركيا البحرية.

ببساطة، كلما وسعت أنقرة وإسلام أباد شراكتهما الاستراتيجية، أصبحت تركيا المنافس الجيوسياسي للهند أكثر من كونها شريكًا اقتصاديًا.

الهند بين إسرائيل والخليج

في ختام الحرب الباردة، سعت نيودلهي إلى إقامة علاقات ثنائية مع تل أبيب، لكنها ظلت حريصة على عدم تخريب علاقاتها مع الدول العربية. في الآونة الأخيرة، استطاعت المودة الشخصية بين مودي وبنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك تحويل العلاقات الهندية – الإسرائيلية إلى تحالف. كان لدى مودي ونتنياهو مصالح مشتركة ونظرة متشابهة تجاه العالم، بما في ذلك رغبة مشتركة في تكوين دول لها طابع عرقي قومي ومواجهة الحركات والقوى الإسلامية. إسرائيل هي ثاني أكبر مورد للأسلحة للهند وتوفر حلول الأمن السيبراني لتأمين بنية الهند التحتية الحيوية. كما تقوم إسرائيل بتدريب القوات الخاصة الهندية على مكافحة الإرهاب. وفي كشمير، تُدرِّب إسرائيل ضباط الشرطة الهندية وتزود قوات الأمن بتكنولوجيا المراقبة ورادار قادر على اختراق المناطق المليئة بالأشجار. لقد لخّص القنصل العام الهندي في نيويورك، سانديب شاكرافورتي، العلاقات الأمنية الثنائية عندما دعا إلى تكرار "النموذج الإسرائيلي" في كشمير. اليوم، على الرغم من رحيل نتنياهو، أصبحت العلاقة بين نيودلهي وتل أبيب مؤسسية بما يكفي لتجاوز عاصفة التغيير السياسي في أي من البلدين.

تزامن تحالف الهند وإسرائيل مع علاقة أقوى بين الهند والخليج. بدأت نيودلهي وأبو ظبي في التوافق أكثر بشأن الشؤون الجيوسياسية بما يتجاوز الركائز الثلاث التقليدية لعلاقتهما: النِفط والتحويلات والمغتربين. وضمت الإمارات الهند إلى معسكرها مع اقتراب باكستان من تركيا. يتمحور التوافق الاستراتيجية الجديد بين نيودلهي وأبو ظبي حول مكافحة التطرف الإسلامي، والدفاع عن سيادة الدولة، وصد التأثير المتزايد للنظام الإسلامي الذي تقوده تركيا. إن النفوذ الاقتصادي لدول الخليج على باكستان يجعلها جذابة بشكل خاص للهند، حيث استخدمته الإمارات لاحتواء إسلام أباد وحتى التوسط بين الهند وباكستان للحد من التوترات السياسية. في فبراير/شباط 2021، نجحت الإمارات في تيسير اتفاقية مشتركة بين الهند وباكستان لدعم اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2003 عبر خط السيطرة – وهو نجاح دبلوماسي غير مسبوق لأبو ظبي يهدف إلى توطيد العلاقات مع الهند دون استعداء باكستان.

ومن الدبلوماسية إلى الشؤون العسكرية، استطاعت نيودلهي وأبو ظبي ترسيخ تحالف عميق واستراتيجي بينهما – حتى أن الإمارات دعت الهند إلى اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في أبو ظبي لأول مرة عام 2019. وفي نفس العام، منحت الإمارات مودي أيضًا "وسام زايد"، وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات، على الرغم من الاحتجاج الدولي على حملة حكومته في كشمير. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولأول مرة على الإطلاق، قام قائد الجيش الهندي، الجنرال إم. إم. نارافاني، بزيارة السعودية والإمارات. وقد أكدت الزيارة الجهود المبذولة لتحويل العلاقة الثلاثية إلى ترتيبات أمنية تشمل تدريبات عسكرية مشتركة وشراكات أمنية واستخباراتية. وبناء على زيارة نارافاني للخليج، في مارس/أذار 2021، شاركت الهند في مناورة جوية استضافتها الإمارات إلى جانب قوات جوية من السعودية والبحرين والولايات المتحدة وفرنسا وكوريا الجنوبية، بينما شاركت اليونان والأردن والكويت ومصر بصفة مراقب. ونظرًا للتعاون غير المسبوق بين أبو ظبي وتل أبيب، فإن إسرائيل ليست بعيدة عن الانضمام إلى هذه التدريبات العسكرية السنوية متعددة الجنسيات.

ما هي الخطوة التالية للتحالف الهندي الإبراهيمي؟

إن حجم وقوة وتأثير دول التحالف الهندي الإبراهيمي – أي الهند وإسرائيل والإمارات – يمنحها القدرة على تغيير الجغرافيا السياسية والجيواقتصادية في المنطقة. فقد أخذت الديناميكيات المتعددة الأطراف تتشكل على مدى السنوات القليلة الماضية، ولكنها تسارعت بوتيرة أعلى في 2020 مع توقيع اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية، ومع انتهاج تركيا سياسة أكثر عدوانية، واتساع البون بين باكستان والإمارات. وعلى الرغم من أن القوى الثلاث مازالت لم تتبنَّ التجمع ككتلة جيوسياسية رسمية، فإن الحوار الاستراتيجي الهندي الإبراهيمي هو احتمال قائم للغاية. على سبيل المثال، دعت اليونان لإقامة حوار ثلاثي مع الهند والإمارات، ويبدو من المحتمل أن يتسع هذا الحوار ليشمل إسرائيل في المستقبل بالنظر إلى دورها الأساسي في دعم الموقف اليوناني في شرق المتوسط. في حين أن الجغرافيا السياسية قد تكون السبب الرئيسي لمثل هذا الاتفاق العابر للإقليم والذي يعد غير مسبوق، فلا ينبغي الاستهانة بجانب الجغرافيا الاقتصادية أيضًا.

ثمة تحدي آخر مهم بالنسبة للتحالف الهندي الإبراهيمي هو المكان الذي تقف فيه السعودية – قلب الإسلام وأكبر اقتصاد عربي – فيما يتعلق بالكتلة الجيوسياسية الناشئة. حيث عززت الرياض علاقات جيدة مع تل أبيب ونيودلهي وقد تنظر إلى هذا التجمع كفرصة استراتيجية على المدى الطويل.

إن صعود الكتلة الهندية الإبراهيمية في غرب آسيا يمكن أن يوفر لواشنطن حلًا استراتيجيًا للتحدي المُلِح للوجود الأمريكي في المنطقة وكيفية تحقيق الكثير من الأهداف بموارد أقل، مع ربط هذه الكتلة الناشئة بالاستراتيجية الأمريكية الجديدة لمنطقة المحيطين الهندي والهادي وتقديم السند الأمريكي لتلك المنظومة الآسيوية.

محمد سليمان هو باحث غير مقيم بمعهد الشرق الأوسط. يركز عمله على تقاطع التكنولوجيا والجغرافيا السياسية والأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. الآراء الواردة في هذا المقال هي آراؤه الشخصية.


The Middle East Institute (MEI) is an independent, non-partisan, non-for-profit, educational organization. It does not engage in advocacy and its scholars’ opinions are their own. MEI welcomes financial donations, but retains sole editorial control over its work and its publications reflect only the authors’ views. For a listing of MEI donors, please click here.